تعرف في هذا المقال على الطريقة الصحيحة لسقي وتحويض الأشجار لتفادي الأمراض الفطرية والحشرية، وضمان امتصاص مثالي للماء والعناصر الغذائية، وزيادة إنتاجية بستانك بشكل صحي ومستدام.
في عالم الزراعة لا يقل الاهتمام بطريقة الري وتحويض الأشجار أهمية عن اختيار الصنف أو نوع التربة، فكل خطوة صغيرة قد تصنع فارقاً كبيراً في صحة الأشجار وجودة المحصول. في هذا المقال من مدونة خليها تخضر سنعرض لكم الطريقة العلمية الصحيحة لسقي وتحويض الأشجار بما يضمن حماية الجذع من الأمراض ودعم الجذور في امتصاص الماء والعناصر الغذائية بكفاءة عالية
أهمية السقي الصحيح في حياة الأشجار
الماء هو العنصر الأساسي للحياة النباتية، لكن الكيفية التي يصل بها الماء إلى الشجرة قد تحدد مصيرها بين النمو المثالي أو التعرض للأمراض والذبول. السقي غير الصحيح قد يؤدي إلى مشاكل كبيرة مثل اختناق الجذور أو تعفن الساق أو حتى موت الشجرة، بينما السقي المدروس يمد الجذور بالكمية المناسبة من الماء ويعزز التوازن بين الرطوبة والتهوية في التربة
تجنب ملامسة الماء لجذع الشجرة
من الأخطاء الشائعة عند سقي الأشجار ترك الماء يتجمع حول الساق مباشرة، وهذا يسبب ما يعرف بخسع الساق أي ضعف الأنسجة وزيادة قابليتها للإصابة بالأمراض. عندما يلامس الماء جذع الشجرة باستمرار تتوفر بيئة رطبة مثالية للفطريات والطحالب والحشرات، ما يؤدي إلى ظهور أمراض مثل التفحم وتكون القشور والفطريات المختلفة التي تضعف الشجرة تدريجياً. لذلك فإن القاعدة الذهبية في السقي هي أن يبقى الجذع جافاً بعيداً عن مسار الماء
التحويض الصحيح للشجرة
التحويض أو إنشاء حوض حول الشجرة ليس مجرد عملية تنظيمية للماء، بل هو وسيلة لضمان وصول المياه إلى المكان الصحيح في التربة. القاعدة العلمية تنص على أن الحوض يجب أن يكون حول ظل أطراف الشجرة وليس ملاصقاً للجذع. ذلك لأن منطقة ظل التاج الشجري هي المكان الذي تنتشر فيه الجذور الشعرية المسؤولة عن الامتصاص، وبالتالي فإن وضع الماء أو السماد في هذه المنطقة يضمن استفادة الشجرة بأقصى طاقتها
دور الجذور الشعرية في الامتصاص
الجذور الشعرية هي الامتداد الحيوي لشجرة تبحث عن الغذاء والماء. هذه الجذور الدقيقة مسؤولة عن امتصاص العناصر الغذائية وإيصالها إلى الساق والأوراق والثمار. لذلك فإن أي عملية تسميد أو ري قريبة جداً من الساق لن تحقق الفائدة المرجوة، بينما إذا وضعت المياه والمواد العضوية أو المعدنية في أطراف الحوض وعلى بعد متر واحد تقريباً من الساق، فإن الجذور الشعرية ستقوم بامتصاصها بكفاءة ونقلها إلى جميع أجزاء النبات
السقي والتسميد: تكامل حيوي لصحة الشجرة
السقي لا ينفصل عن التسميد، فكلاهما يكمل الآخر في دورة حياة النبات. عند وضع السماد العضوي أو المعدني في حواف الحوض بعيداً عن الجذع ثم إضافة الماء، يذوب السماد تدريجياً ويمتزج مع التربة ليصل إلى منطقة الجذور الشعرية. بهذه الطريقة يحصل النبات على العناصر الغذائية مع كل عملية ري دون إحداث ضرر للساق أو التربة المحيطة به. كما أن التسميد الصحيح يعزز من مقاومة الأشجار للأمراض ويزيد من جودة الثمار
الأمراض الناتجة عن السقي الخاطئ
السقي المباشر قرب الساق يؤدي إلى سلسلة من الأمراض الزراعية التي قد تدمر الشجرة على المدى الطويل. من أبرز هذه الأمراض التفحم وهو مرض فطري خطير يسبب اسوداد الأنسجة وموتها تدريجياً، بالإضافة إلى الطحالب التي تنمو على سطح التربة الرطبة حول الساق وتعيق التهوية الطبيعية. كما تظهر الفطريات السطحية التي تسبب القشور والجروح في الساق ما يجعلها عرضة لهجوم الحشرات القشرية والحفارات
فوائد التحويض الصحيح على المدى الطويل
التحويض الصحيح والسقي المدروس لا يقتصران على الوقاية من الأمراض بل ينعكسان على عدة جوانب إيجابية في حياة الشجرة. من هذه الفوائد زيادة العمر الإنتاجي للشجرة إذ تبقى قادرة على النمو والإثمار لفترات أطول، تحسين نوعية الثمار من حيث الحجم والطعم والقيمة الغذائية، ترشيد استهلاك المياه حيث يتم توجيهها مباشرة إلى منطقة الجذور الشعرية دون هدر، وتعزيز التوازن البيئي داخل البستان من خلال تقليل فرص نمو الطحالب والفطريات
العلاقة بين الظل والتحويض
من الملاحظات المهمة التي يعتمدها المزارعون الخبراء أن مكان التحويض يتطابق غالباً مع دائرة ظل أطراف الشجرة. هذا التوافق ليس صدفة بل نتيجة طبيعية لتوزيع الجذور تحت الأرض، حيث تنتشر الجذور الدقيقة في نفس مساحة التاج الشجري تقريباً. لذلك فإن جعل الحوض عند محيط الظل يضمن وضع الماء والسماد في المكان الذي يتواجد فيه أكبر عدد من الجذور الماصة
نصائح عملية للمزارعين
لتطبيق هذه الخطوات بشكل عملي ينصح المزارع بعدم حفر الحوض قريباً من الساق بل بعيداً عنه بما لا يقل عن متر واحد، توزيع السماد العضوي أو المعدني في حواف الحوض وليس في المركز، ري الأشجار بكمية كافية من الماء بحيث يصل إلى عمق الجذور الشعرية ولا يلامس الساق، تكرار عملية التحويض كل فترة زمنية مناسبة مع نمو الشجرة وزيادة حجم تاجها، ومراقبة التربة باستمرار للتأكد من عدم تراكم الأملاح أو نمو الطحالب
الخلاصة
السقي والتحويض ليسا مجرد أعمال تقليدية بل هما علم وفن يحتاج إلى دقة ووعي بأدق تفاصيل نمو الشجرة. إن تطبيق الطريقة الصحيحة في إبعاد الماء والسماد عن الساق ووضعهما في محيط ظل الشجرة يحمي الساق من الأمراض ويدعم الجذور الشعرية في أداء وظيفتها بكفاءة. ومع مرور الوقت ينعكس هذا الاهتمام على قوة الشجرة وجودة ثمارها واستدامة إنتاجها
إعداد المقال: فريق "خليها تخضر"
شكرًا لقراءتك هذا المقال ونتمنى لك زراعة ناجحة ومثمرة
لاتنسى متابعة مدونتنا قسم ( التغذية النباتية ) لمزيد من المعلومات الزراعية المفيدة بهذا الخصوص
مصدر الصورة : للمؤلف و كاتب هذا المقال فريق خليها تخضر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق