تعرف على الطريقة الصحيحة لاستعمال مخلفات الأبقار والأغنام كسماد طبيعي لتحسين التربة وزيادة إنتاجية الأشجار والخضر بطريقة آمنة وصديقة للبيئة.
أفضل طريقة لاستخدام مخلفات المواشي كسماد طبيعي للأشجار والخضر
أهمية استعمال مخلفات المواشي في الزراعة
الزراعة الناجحة تقوم على توازن التربة وجودتها، وأحد أهم العناصر التي تساهم في هذا التوازن هو المادة العضوية. منذ القدم اعتمد المزارعون على روث الأبقار والأغنام كسماد طبيعي يعيد للتربة خصوبتها ويغنيها بالعناصر الأساسية. ومع تطور الزراعة الحديثة وارتفاع الاعتماد على الأسمدة الكيميائية عاد الاهتمام مجددًا بالسماد العضوي لكونه أكثر أمانًا على صحة الإنسان والبيئة وأكثر استدامة على المدى الطويل. إن استعمال مخلفات المواشي لا يقتصر على توفير الغذاء للنبات فحسب بل يتعدى ذلك ليحسن من بنية التربة ويزيد من نشاطها الحيوي ويحافظ على التوازن الميكروبي الذي يعد الركيزة الأساسية لنمو جذور قوية وقدرة أعلى على امتصاص العناصر
الخطوة الأولى جمع المخلفات بشكل سليم
المرحلة الأولى في استغلال روث المواشي هي جمعه بطريقة منظمة ومنتظمة من الحظائر أو أماكن تربية الحيوانات. يجب أن يتم ذلك بانتظام حتى لا تتراكم الروائح وتتكاثر الحشرات أو تنتقل الأمراض. كما أن من الضروري إزالة الشوائب غير العضوية مثل البلاستيك أو بقايا الأكياس أو الأعلاف غير المهضومة التي قد تعيق تحلل السماد أو تؤثر سلبًا على التربة عند استعماله. بعض المزارعين يفضلون خلط روث الأبقار مع روث الأغنام لتحقيق توازن أفضل في مكونات السماد لأن الأول غني بالماء والثاني أكثر تركيزًا بالمادة العضوية
الخطوة الثانية تجفيف الروث أو تحويله إلى كومبوست
بعد جمع الروث تأتي مرحلة المعالجة الأولية وهي إما التجفيف أو التخمير. التجفيف يتم عبر ترك الروث في مكان مشمس مفتوح لمدة أسبوعين إلى أربعة أسابيع حتى يتبخر الماء منه ويصبح أكثر أمانًا عند إضافته للتربة. أما التخمير وهو ما يعرف بالكومبوست فهو الطريقة الأكثر فاعلية حيث يتم وضع الروث في كومة كبيرة مع إضافة مواد نباتية جافة مثل القش أو التبن ثم يتم تقليب الكومة بشكل أسبوعي لتسريع عملية التحلل الهوائي. تستمر هذه العملية من شهر ونصف إلى ثلاثة أشهر حيث يتحول الروث إلى مادة داكنة اللون متجانسة وعديمة الرائحة تعرف بالسماد العضوي الناضج. هذا النوع من السماد غني بالأحماض العضوية والعناصر المعدنية التي تكون سهلة الامتصاص للنبات
الخطوة الثالثة الاستعمال الصحيح مع الأشجار المثمرة
الأشجار المثمرة تحتاج إلى توازن غذائي كبير لأنها تبقى لسنوات طويلة في الأرض، لذلك يجب استعمال السماد العضوي بشكل مدروس. أفضل طريقة هي توزيع السماد المتخمر حول الشجرة على بعد يتراوح بين ثلاثين وخمسين سنتيمترًا عن الجذع حتى لا يتسبب التركيز المباشر في أضرار للجذور القريبة. بعد توزيع السماد يفضل خلطه مع طبقة سطحية من التربة لضمان امتصاصه التدريجي ثم القيام بري الشجرة مباشرة حتى تبدأ الكائنات الحية الدقيقة في التربة في تحليل العناصر الغذائية وإتاحتها للجذور
الخطوة الرابعة الاستعمال مع الخضر الموسمية
عند زراعة محاصيل الخضر مثل الطماطم أو البطاطس أو الفلفل فإن السماد العضوي يجب أن يخلط بالتربة قبل الزراعة بمدة عشرة إلى خمسة عشر يومًا حتى يتم تحلله جزئيًا ويصبح آمنًا للنبات. يوضع السماد بكمية مناسبة ويخلط جيدًا مع التربة في منطقة الجذور لكن دون أن يوضع مباشرة أسفل البذور أو الشتلات حتى لا يحرق الجذور. هذه الخطوة البسيطة تساهم في تهيئة بيئة خصبة منذ البداية وتضمن نموًا صحيًا للنباتات
التحذيرات الواجب مراعاتها عند استعمال روث المواشي
رغم فوائد السماد العضوي إلا أن استعماله بطريقة خاطئة قد يؤدي إلى نتائج عكسية. فالروث الطازج غير المعالج يحتوي على بكتيريا وفطريات قد تضر بالتربة والنبات وحتى بصحة المستهلك إذا وصلت إلى الثمار. كما أن الإفراط في استخدام كميات كبيرة من الروث قد يؤدي إلى تماسك التربة بشكل زائد ويمنع تهويتها مما يقلل من امتصاص الجذور للماء والأكسجين. لذلك ينصح المزارع باستخدام كميات متوازنة وعدم إهمال خطوة التخمير أو التجفيف
الفوائد العلمية لاستعمال مخلفات المواشي
السماد العضوي الناتج عن مخلفات المواشي يملك مجموعة من الفوائد التي أثبتتها الدراسات العلمية. فهو يحسن من قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء وبالتالي يقلل من الحاجة إلى الري المتكرر خاصة في المناطق الجافة. كما يزيد من النشاط الميكروبي حيث يوفر الغذاء للكائنات الدقيقة النافعة مثل البكتيريا والفطريات المفيدة التي تحلل المواد العضوية وتطلق العناصر المعدنية للنبات. إضافة إلى ذلك يساهم السماد في تقليل الاعتماد على الأسمدة الكيميائية المكلفة ويعزز من جودة المحاصيل من حيث الطعم والقيمة الغذائية. منتجات الخضر والفاكهة المزروعة في تربة غنية بالمواد العضوية غالبًا ما تكون أكثر نضارة وأطول عمرًا بعد الحصاد
الأثر البيئي لاستعمال السماد العضوي
من الناحية البيئية فإن استغلال مخلفات المواشي يسهم في تقليل التلوث الناتج عن تراكم الروث في الحظائر أو التخلص منه بطرق غير آمنة. بدلاً من أن يكون الروث مصدرًا للروائح الكريهة والذباب وانبعاث غازات الميثان يصبح مصدرًا للطاقة الغذائية للتربة. كما أن الاعتماد على الأسمدة العضوية يقلل من التلوث الكيميائي للمياه الجوفية والأنهار الناتج عن الإفراط في استخدام الأسمدة الاصطناعية. وبذلك فإن التسميد العضوي يعد ممارسة زراعية مستدامة تدعم الحفاظ على البيئة وتقلل من البصمة الكربونية للزراعة
العلاقة بين صحة التربة وصحة الإنسان
التربة الغنية بالمادة العضوية تنتج نباتات قوية وصحية وهذه النباتات توفر غذاءً أكثر قيمة للإنسان. هناك علاقة مباشرة بين ما يدخل في التربة وما يخرج منها إلى موائدنا. فعندما نهمل التربة ونفرط في الأسمدة الكيميائية نفقد الكثير من العناصر الدقيقة الأساسية التي يحتاجها جسم الإنسان. بينما السماد العضوي يعيد هذه العناصر بشكل طبيعي ومتوازن مما ينعكس على صحة الإنسان والمجتمع. ومن هنا يمكن القول إن استعمال روث المواشي ليس مجرد تقنية زراعية بل هو أسلوب حياة يربط بين الزراعة المستدامة والصحة العامة
الخلاصة
إن استعمال مخلفات المواشي كسماد طبيعي هو أحد أسرار نجاح الزراعة العضوية. لكنه يتطلب معرفة وخبرة في الجمع والمعالجة والتوزيع. فإذا التزم المزارع بخطوات التجفيف أو التخمير وتجنب الاستعمال المباشر للروث الطازج ووزع السماد بطريقة صحيحة فإنه سيحصل على تربة أكثر خصوبة ونباتات أكثر قوة ومحاصيل ذات جودة عالية. إن التسميد العضوي ليس فقط وسيلة لتحسين الإنتاج بل هو مساهمة فعالة في حماية البيئة وتعزيز الصحة العامة وهو ما يجعل من مخلفات المواشي كنزًا طبيعيًا ينبغي حسن استغلاله
إعداد المقال: فريق "خليها تخضر"
شكرًا لقراءتك هذا المقال ونتمنى لك زراعة ناجحة ومثمرة
لا تنسَ متابعة مدونتنا قسم ( التغذية النباتية ) لمزيد من المعلومات الزراعية المفيدة بهذا الخصوص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق