ثلاث علامات مؤكدة تدل على عطش شجرة الزيتون حتى لو بدت التربة رطبة من السطح مع شرح الأسباب والحلول لضمان ري عميق وصحي.
تحية علمية إلى جميع القراء والمهتمين بالزراعة المستدامة وأصحاب البساتين الكرام الذين يبحثون عن أفضل الطرق للعناية بأشجار الزيتون إن الحديث عن عطش أشجار الزيتون ليس مجرد مسألة ري وإنما يدخل في صميم علم التربة وعلم فسيولوجيا النبات حيث تتداخل الجذور والأوراق والثمار في شبكة معقدة من التوازنات التي تحدد إنتاجية الشجرة وجودة ثمارها
لماذا تحتاج شجرة الزيتون إلى متابعة دقيقة للرطوبة
شجرة الزيتون تعتبر من أكثر الأشجار قدرة على مقاومة الجفاف لكنها في الوقت نفسه لا تعني أنها لا تحتاج إلى الماء بل إنها تتطلب توازناً دقيقاً بين الجفاف والتحكم في الرطوبة لتضمن استقرارها ونموها الطبيعي يعتمد المزارعون عادة على مظهر سطح التربة للحكم على حالة الري لكن هذا خطأ شائع لأن رطوبة السطح قد تكون خادعة بينما الجذور العميقة قد تعاني من عطش شديد هذه الفجوة بين ما نراه على السطح وما يحدث في العمق هي التي تحدد الفرق بين شجرة زيتون قوية مثمرة وأخرى ضعيفة متدهورة
العلامة الأولى التفاف الأوراق على شكل أنبوب
أوراق الزيتون تتصرف بذكاء حين تعاني من نقص الماء حيث تلجأ إلى آلية طبيعية تقلل من مساحة السطح المعرضة للشمس فتلتف على نفسها بشكل أنبوبي هذه الاستراتيجية تقلل من تبخر الماء ولكنها في الوقت نفسه علامة تحذيرية للمزارع لأن الشجرة وصلت إلى مرحلة استنفاد الرطوبة في الجذور إذا لم يتدارك المزارع الأمر فقد تدخل الشجرة في مرحلة من الإجهاد المائي يصعب معالجتها لاحقاً
العلامة الثانية توقف نمو الأغصان الجديدة
الأغصان الطرية هي المؤشر المبكر على راحة الشجرة لأنها أول من يتأثر بقلة الماء فعندما يقل وصول الماء إلى الأنسجة النامية يتوقف نمو هذه الأغصان وتظهر أقصر من المعتاد وضعيفة التركيب هذه الظاهرة لا تأتي فجأة وإنما تتطور تدريجياً حيث يبدأ النمو بالتباطؤ ثم ينعدم تماماً مما يدل على أن الماء المتاح لا يكفي لتغذية التوسع الخلوي وبالتالي فإن الشجرة تركز مواردها على البقاء بدلاً من النمو
العلامة الثالثة توقف نمو الثمار وتجعدها ثم تساقطها
الثمار هي الأكثر حساسية للإجهاد المائي لأنها تحتاج إلى تدفق مستمر من الماء والمعادن لتكبر بشكل طبيعي عندما ينقطع هذا التدفق يبدأ الزيتون بالتجعد كما لو كان يفقد ماءه الداخلي وإذا استمر الوضع تتوقف الثمار عن النمو ثم تتساقط قبل أوانها هذه الخسارة لا تعني فقط فقدان المحصول بل قد تؤثر على الدورة الإنتاجية للشجرة في السنوات التالية لأن الشجرة تدخل في وضع دفاعي لحماية نفسها على حساب الثمار
لماذا يحدث العطش رغم وجود رطوبة سطحية
الجواب يكمن في ديناميكية التربة قد تكون هناك طبقة سطحية رطبة نتيجة الري السريع أو الأمطار الخفيفة ولكن هذه الرطوبة لا تتغلغل إلى أعماق التربة حيث توجد الجذور الرئيسية أحياناً تكون هناك طبقة صلبة غير منفذة تحت السطح تمنع الماء من النفاذ إلى الأسفل مما يجعل الشجرة تبدو مرتاحة للعين بينما هي في الحقيقة تعاني من عطش عميق هذه الحالة تتفاقم في الترب الثقيلة أو المضغوطة حيث يتوزع الماء أفقياً بدلاً من عمقياً
أهمية السقي العميق والمتباعد
الحل لهذه المشكلة هو اعتماد استراتيجية الري العميق حيث يتم إيصال الماء بكمية كافية لتخترق التربة إلى أعماق تصل إلى 60 أو 80 سنتيمتراً حيث تتمركز الجذور الفعالة السقي العميق والمتباعد أفضل من السقي السطحي والمتكرر لأنه يحفز الجذور على التمدد في العمق وبالتالي يزيد من مقاومة الشجرة للجفاف على المدى الطويل هذه الطريقة أيضاً تقلل من تبخر الماء السطحي وتحسن كفاءة الاستفادة من كل قطرة ماء
كيف يميز المزارع بين الرطوبة السطحية والجفاف العميق
يمكن للمزارع أن يستخدم أدوات بسيطة مثل قضيب حديدي أو مثقاب تربة للتأكد من مستوى الرطوبة في الأعماق كما يمكن استخدام أجهزة استشعار رطوبة التربة التي تعطي قراءات دقيقة لمستويات الرطوبة في أعماق مختلفة لكن حتى بدون هذه الأدوات تبقى مراقبة سلوك الشجرة نفسها من خلال الأوراق والأغصان والثمار المؤشر الأصدق على عطشها
العلاقة بين الري والإنتاجية
من المعروف أن شجرة الزيتون تتحمل ظروفاً قاسية لكنها عندما تحصل على الري المتوازن تعطي إنتاجية أعلى وجودة زيت أفضل الدراسات أثبتت أن الري المناسب في المراحل الحرجة مثل الإزهار وتكوين الثمار يزيد من نسبة العقد ويمنع التساقط المبكر كما أن الحفاظ على انتظام الري خلال فترة نمو الثمار يحسن من محتوى الزيت ويزيد من حجمه وجودته التجارية
التوازن بين الجفاف والري
الإفراط في الري لا يقل خطورة عن نقص الماء لأنه يؤدي إلى اختناق الجذور وزيادة الأمراض الفطرية لذلك فإن التوازن هو القاعدة الذهبية يجب أن تُروى الأشجار بما يكفي لتجنب علامات العطش ولكن دون إغراق التربة بالماء إن معرفة طبيعة التربة ومعدل تصريفها يساعد كثيراً في تحديد مواعيد الري وكميته
الخلاصة
إن شجرة الزيتون مثل الكائن الحي تعبر عن عطشها بعلامات واضحة أهمها التفاف الأوراق توقف نمو الأغصان وتجعد الثمار وسقوطها قد يخدعنا مظهر التربة السطحي بالرطوبة ولكن الحقيقة تكمن في العمق حيث تتغذى الجذور لذلك على المزارع أن يعتمد على السقي العميق والمتباعد وأن يراقب الأشجار نفسها بدقة ليضمن استمرار الإنتاج وجودة الثمار
إعداد المقال: فريق "خليها تخضر"
شكرًا لقراءتك هذا المقال ونتمنى لك زراعة ناجحة ومثمرة
لا تنسَ متابعة مدونتنا قسم ( زراعة الزيتون ) لمزيد من المعلومات الزراعية المفيدة بهذا الخصوص
مصدر الصورة: للمؤلف وكاتب هذا المقال فريق خليها تخضر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق