توت على شجرة التوت - الصورة : موقع pixabay
شجرة التوت كنز بيئي واقتصادي منسي
شجرة التوت واحدة من أقدم الأشجار المزروعة في مناطقنا العربية ولكنها لم تنل حقها من الاهتمام أو الاستغلال رغم ما تمتلكه من إمكانيات بيئية وزراعية وصناعية مذهلة حيث يعود السبب في انتشارها الواسع في المدن إلى سهولة زراعتها وسرعة نموها وتحملها الكبير للجفاف والتقلبات المناخية مما جعلها مثالية للتشجير الحضري على جوانب الطرقات وفي الحدائق العامة
الخشب المضغوط من أغصان التوت بديل محلي للأخشاب المستوردة
ما لا يعرفه الكثيرون أن شجرة التوت تنتج سنوياً كمية كبيرة من الأغصان نتيجة النمو السريع الذي يتطلب تقليماً دورياً هذه الأغصان ليست مجرد نفايات بل يمكن تجفيفها وطحنها ثم ضغطها مع مواد لاصقة بيولوجية لصناعة الخشب المضغوط المستخدم في صناعة الأبواب والنوافذ والخزائن وبهذا الشكل يمكن تقليل الاعتماد على استيراد الأخشاب الصناعية وتوفير ملايين الدولارات سنوياً
خشب التوت الصلب وتطبيقاته الصناعية
يتميز خشب التوت بصلابته وقدرته على التحمل مما يجعله مناسباً للاستخدام في الصناعات الخشبية الثقيلة مثل صناعة الأثاث والمعدات الزراعية ويمكن استخدام الأجزاء غير المستعملة كسماد عضوي عالي الجودة بعد طحنها وذلك بفضل غناها بالعناصر العضوية والمواد الكربونية التي تحسن من خصوبة التربة وتغذي الكائنات الدقيقة المفيدة
أوراق التوت: غذاء للمواشي وإنتاج الحرير
تعد أوراق التوت العريضة والغنية بالمغذيات مصدراً ممتازاً لتغذية المواشي وخاصة في فترات الجفاف وشح الأعلاف الخضراء وقد أوصت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة FAO باستخدامها كبديل للأعلاف التقليدية في الدول التي تعاني من ارتفاع أسعار الأعلاف كما تستخدم أوراق التوت حصراً في تربية دودة القز لإنتاج الحرير الطبيعي وهي صناعة قابلة للبعث في العراق إذا تم تطويرها بشكل علمي من خلال مراكز أبحاث زراعية متخصصة
ثمار التوت: الزبيب والعصير والمربى وصناعات غذائية واعدة
ثمار التوت ليست فقط لذيذة وغنية بالفيتامينات بل تمثل فرصة لصناعة تحويلية واسعة تشمل إنتاج زبيب التوت المركز وعصائر التوت الطبيعية ومربى التوت الصحي الذي يمكن أن يدخل في الصناعات الغذائية المحلية بل ويُصدّر كمنتج عضوي عالي الجودة للأسواق العالمية خاصة مع تزايد الطلب على المنتجات الطبيعية
غياب الاستثمار الصناعي في استغلال التوت داخل العراق
رغم توفر الملايين من أشجار التوت في العراق إلا أن غياب الورش الصناعية والشركات المتخصصة حال دون استثمار هذا المورد الطبيعي الهائل معظم الأغصان تُرمى أو تُحرق في مواسم التقليم ما يمثل هدراً كبيراً للثروة النباتية والاقتصادية في الوقت الذي يمكن أن توظف فيه تلك الموارد في إنشاء مشاريع إنتاج خشب مضغوط محلي أو مصانع سماد عضوي أو معامل أعلاف متطورة
مشاريع بحثية وفرص عمل جديدة تنتظر من يكتشفها
يمكن للطلبة في كليات الزراعة والهندسة البيئية أن يتبنوا هذه الفكرة كمشروع تخرج تطبيقي أو دراسة جدوى قابلة للتنفيذ حيث أن تحويل أغصان التوت إلى مواد أولية لمنتجات مفيدة يمكن أن يسهم في خلق فرص عمل جديدة ويدعم الأمن الغذائي ويحافظ على البيئة ويقلل من فاتورة الاستيراد الحكومية ويعزز من القيمة المضافة للمنتجات الزراعية المحلية
الخلاصة
شجرة التوت ليست مجرد شجرة مزينة للطرقات بل كنز اقتصادي وبيئي عظيم لم يتم استغلاله بعد بالشكل المناسب حيث تتفوق على كثير من الأشجار الأخرى في سرعة النمو وتعدد الفوائد وتوفر بدائل مستدامة للأخشاب والأعلاف والسماد العضوي وحتى للمنتجات الغذائية والحريرية ومن خلال مشاريع صغيرة أو متوسطة يمكن تحويلها إلى مورد وطني مهم يقلل من التبعية الخارجية ويُنعش الاقتصاد المحلي
إعداد المقال: فريق "خليها تخضر" د علي عبدالله
شكرًا لقراءتك هذا المقال ونتمنى لك زراعة ناجحة ومثمرة
لاتنسى متابعة مدونتنا قسم (الزراعة المستدامة) لمزيد من المعلومات الزراعية المفيدة بهذا الخصوص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق