تعرف على ظاهرة جبدان التمر قبل النضج وأسبابها البيئية والزراعية، مع شرح علمي لأهم العوامل المؤثرة على ثمار النخيل وطرق الحد من هذه المشكلة للحفاظ على جودة التمور.
انواع من التمر - الصورة للمولف و كاتب المقالة
لماذا يجبد التمر قبل النضج؟ الأسباب العلمية وحلول الحفاظ على جودة التمور
ما هو الجبدان في التمر
الجبدان هو انكماش وفساد يصيب ثمار النخيل في مرحلة ما قبل اكتمال النضج وهو يختلف عن ظاهرة فقدان الماء البسيطة التي قد تصيب ثمار الزيتون أو بعض المحاصيل الأخرى إذ إن ثمرة النخيل بمجرد إصابتها بالجبدان لا تعود إلى حالتها الطبيعية حتى لو تحسنت الظروف البيئية. تبدأ هذه الظاهرة عادة بعد مرحلة البسر أي عندما تتحول الثمار من اللون الأخضر إلى الأصفر أو الأحمر وهي الفترة التي تتزامن غالبًا مع نهاية شهر أغسطس وبداية سبتمبر حيث تكون الظروف المناخية قاسية من حرارة مرتفعة ورياح جافة مما يزيد من الإجهاد على النخلة ويؤدي إلى ضعف ثمارها وانكماشها وفقدان قيمتها
مقارنة الجبدان بظواهر مشابهة في محاصيل أخرى
للتوضيح يمكن مقارنة هذه الظاهرة بما يحدث في محاصيل أخرى مثل البطاطا والطماطم فقد أظهرت الدراسات أن درنات البطاطا تبدأ بالانكماش والتلف عندما تصل درجة حرارة النبتة نفسها وليس الجو فقط إلى حدود 35 درجة مئوية عندها يعجز النبات عن الحفاظ على توازنه الداخلي فيفقد قدرته على الاحتفاظ بالماء وتضعف الدرنات. وبالمثل في نبات الطماطم فإن التعرض لإجهاد شديد يؤدي إلى انقلاب وظيفة التمثيل الضوئي فبدلًا من تحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى سكريات مفيدة يبدأ النبات في تحطيم السكريات داخل الثمار مطلقًا ثاني أكسيد الكربون إلى الخارج مما يسبب انكماش الثمار وتلفها وهذه المقارنة توضح أن الجبدان في التمر ليس مجرد فقد ماء بل هو خلل في العمليات الحيوية للنخلة نتيجة الإجهاد
الأسباب البيئية لظاهرة الجبدان
تعد العوامل البيئية والمناخية من أبرز أسباب الجبدان إذ أن ارتفاع درجات الحرارة فوق قدرة النخلة على التبريد الذاتي يعد السبب الأكثر شيوعًا. عندما تعجز النخلة عن التخلص من الحرارة عبر الثغور الورقية فإن العمليات الحيوية تتعطل وينعكس ذلك مباشرة على الثمار. كما أن تذبذب السقي بين الإفراط والتقصير يزيد الطين بلة حيث يؤدي النقص إلى عطش الثمار وفقدانها للماء بينما يؤدي الإفراط إلى اختلال التوازن الأسموزي داخل الثمرة وانكماشها. الرياح الشديدة والجفاف بدورهما يسهمان في زيادة النتح وفقدان الرطوبة وبالتالي تسريع ظهور الجبدان خصوصًا في المناطق الصحراوية أو ذات المناخ القاسي
الأسباب الزراعية المؤدية للجبدان
إلى جانب الظروف البيئية هناك عوامل زراعية مرتبطة بإدارة المزرعة تؤثر بقوة في ظهور الجبدان. فمثلاً الحمل الزائد على نخلة ضعيفة يزيد من استنزاف طاقتها ولا تستطيع حينها تغذية جميع الثمار بالشكل الكافي مما يؤدي إلى انكماش جزء كبير منها. كذلك فإن نقص العناصر الغذائية الأساسية مثل البوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم يؤثر في صلابة الخلايا وقدرتها على مقاومة الإجهاد الحراري. إزالة الجريد الأخضر بشكل مفرط يقلل من عملية التمثيل الضوئي ويضعف قدرة النخلة على التظليل والتبريد. أما تقليب التربة العميق فإنه يقضي على فطر الميكوريزا المفيد المسؤول عن تحسين امتصاص الماء والعناصر وفتح الثغور وهو عنصر مهم في التوازن المائي للنخلة
دور الحشرات والأمراض في زيادة الظاهرة
تؤثر الإصابات الحشرية مثل سوسة النخيل الحمراء أو حفار العذوق وكذلك الأمراض الفطرية في قدرة النخلة على امتصاص الغذاء والماء بكفاءة كما تفتح ممرات للعدوى وتضعف النخلة بشكل عام. هذه الإصابات تزيد من الإجهاد الداخلي وتضاعف احتمالية حدوث الجبدان خصوصًا إذا ترافق ذلك مع حرارة مرتفعة أو ضعف في التسميد
العلاقة بين الحشائش والجبدان
قد يبدو غريبًا أن للحشائش دورًا في هذه الظاهرة لكن الواقع أن نوع الحشائش المحيطة بالنخيل يؤثر على البيئة الدقيقة حول الجذور. بعض الحشائش تعمل على رفع درجة حرارة التربة وزيادة التبخر مما يؤدي إلى رفع درجة حرارة النخلة نفسها وبالتالي زيادة الإجهاد. كما أن المنافسة على الماء والعناصر الغذائية تفاقم المشكلة وتجعل النخلة أقل قدرة على دعم ثمارها
أثر الجني المبكر في تفاقم المشكلة
الجني المبكر للثمار قبل تمام اكتمالها يعد من الممارسات التي تزيد احتمالية الجبدان إذ أن الثمار تكون في هذه المرحلة ضعيفة التركيب وقابلة للانكماش عند أقل إجهاد. لذا فإن التسرع في الجني لا يقلل فقط من جودة المحصول بل يعرض نسبة كبيرة من الثمار للتلف
الخلاصة والحلول المقترحة
يمكن القول إن الجبدان في التمر قبل النضج هو نتيجة مباشرة لإجهاد النخلة سواء كان حراريًا أو مائيًا أو غذائيًا أو مرضيًا وهو يختلف عن فقدان الماء البسيط إذ يمثل خللًا فيزيولوجيًا معقدًا يؤثر على العمليات الحيوية في الثمار. وللحد من هذه الظاهرة يجب على المزارع اتباع برنامج متكامل من الإدارة الجيدة يشمل تنظيم الري وتجنب التذبذب بين العطش والإغراق، وتوفير العناصر الغذائية الضرورية خصوصًا البوتاسيوم والكالسيوم، والحفاظ على التوازن بين الحمل الخضري والثمري للنخلة، وعدم الإفراط في إزالة الجريد الأخضر، وحماية النخيل من الإصابات الحشرية والفطرية، والاعتدال في تقليب التربة للحفاظ على فطر الميكوريزا، إضافة إلى إزالة الحشائش الضارة بطرق مناسبة والالتزام بتوقيت مناسب في الجني. بهذه الإجراءات يمكن حماية ثمار التمر من الانكماش والحفاظ على جودتها بما يضمن عائدًا اقتصاديًا أفضل للمزارع
إعداد المقال: فريق "خليها تخضر"
شكرًا لقراءتك هذا المقال ونتمنى لك زراعة ناجحة ومثمرة
لا تنس متابعة مدونتنا قسم ( النخيل ) لمزيد من المعلومات الزراعية المفيدة بهذا الخصوص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق